بعدما كان قبل نحو 15 عاما مرعى للأغنام، تتزاحم اليوم شاحنات كبيرة الحجم ليل نهار في ميناء طنجة المتوسط الذي يعمل بأقصى طاقته ويشهد أعمال توسيع.
ففي 2017 دخلت الميناء الواقع على مرمى حجر من مضيق جبل طارق، والذي يربط المدينة مع 174 وجهة من حول العالم، 51,3 ملايين طن من البضائع ونحو 3,3 ملايين حاوية.
والى جانب الميناء في المنطقة الحرة تقع المنطقة الصناعية التي “يتم تطويرها وتؤمن الوظائف بشكل متزايد”، بوتيرة “تفوق التوقعات” بحسب جعفر مرهاردي مدير عام “منطقة طنجة المتوسطة”.
ويقول مرهاردي “نضم حاليا 750 شركة، وبخاصة شركات سيارات وأقمشة وأجهزة الكترونية وملاحة جوية ولوجستية وغذائية و70 ألف وظيفة” وبحجم إيرادات بلغ 5,5 مليارات أورو في 2017، بحسب أرقام ميناء طنجة المتوسط.
إلى ذلك فان افتتاح الجزء الثاني من ميناء طنجة المتوسط سيسمح بزيادة القدرة الاستيعابية للحاويات بثلاثة أضعاف اعتبارا من 2019، في مسعى لكي يصبح الميناء اكبر ميناء متوسطي.
وبكل ثقة يقول جعفر مرهاردي “الهدف هو الاضطلاع بدور أكثر أهمية باتجاه إفريقيا، حيث قام المغرب باستثمارات في قطاع الموانئ بين العامين 2008 و2012 في وقت كان حجم السوق يشهد تقلصا وقد منحنا هذا الاستثمار أفضلية”.
وتعمل معدات البناء الثقيلة فوق المساحات الترابية وقد تم حتى الآن تسليم ثلاث رافعات عملاقة. ورغم الطقس السيئ يمكن تمييز ميناء “الجزيرة الخضراء” الإسباني على الجانب الآخر من مضيق جبل طارق.
وقد استقبلت محطة الركاب 2,8 مليون مسافر العام الماضي. ويقول حسن ابكري مدير قطاع الركاب “في ذروة الموسم يعبر ما بين 32 و33 الف مسافر وما بين ثمانية وتسعة آلاف سيارة يوميا”.
يقول ابكري إن الميناء الجديد قلص فترات الانتظار وسمح بتخفيف الضغط الذي كان “يخنق” وسط طنجة.
وفي 2017 عبر ميناء طنجة المتوسط الأول نحو 290 ألف شاحنة من الحجم الكبير عبر جزء من طريق سريع يلف المدينة الواقعة على بعد نحو خمسين كيلومترا.
ويشهد الميناء حركة شاحنات لا تتوقف بين الأرصفة ومستودعات التخزين وشركات المنطقة الصناعية.
وعلى هذا النحو تدخل حاويات الأقمشة القادمة من الصين وتركيا مصانع الملابس التابعة لـ”ستيل نوا فاشن” في احد أجنحة المنطقة الحرة. فالتصاميم التي يتم ابتكارها في إيرلندا تتم خياطتها هنا ثم شحنها إلى الولايات المتحدة أو بريطانيا.
وتقول نوال المليح مديرة “ستيل نوا” “نحن في مجال الموضة السريعة حيث آجال التسليم قصيرة جدا لذا فإن التواجد بالقرب من الميناء يكتسب أهمية قصوى”.
ويقول التونسي محمد علي النيفر “الوقت من ذهب، ففي السابق كان الوصول إلى هامبورغ يستغرق ثلاثة أسابيع وبات الآن يستغرق ما بين عشرة أيام واثني عشر يوما. المواصلات أصبحت مباشرة، وبات بإمكاننا استلام حاوية أو إرسالها في أقل من 24 ساعة، وهذا أمر ممتاز”.
والنيفر الذي وصل مع انطلاق الأعمال في الميناء تم تعيينه مؤخرا مديرا لوحدة “إكوم” وهي شركة فرنسية متخصصة في صناعة الكابلات.
ويعتبر النيفر أن الدخول المرتقب لصانع السيارات الصيني “بي واي دي” الذي سيفتتح مصنعا للسيارات الكهربائية بحلول 2025 في منطقة صناعية صينية بالكامل يشكل “خبرا رائعا”.
ويقول جعفر مرهاردي “موقع بلدنا يؤمن أفضل كلفة لقربه من الأسواق الأوروبية وبسبب الكلفة التنافسية للغاية ما يرجح كفة المنافسة على الربحية”.
وقامت مجموعة رونو الفرنسية التي استقرت هنا في 2012 بتصدير 300 ألف سيارة إلى البلدان الـ74 التي يتعامل معها الميناء.
ويقول رشيد هواري “سنقوم العام المقبل بتصدير كل السيارات التي سينتجها المصنع الجديد لبوجو والتي ستصل من القنيطرة الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر إلى الجنوب”، أي ما يعادل “150 ألف سيارة إضافية في 2019-2020”.
وبالإضافة إلى التسهيلات اللوجستية والجمركية التي توفرها المنطقة الحرة في ميناء طنجة المتوسط تشكل كلفة اليد العاملة المغربية نقطة قوة كبيرة.
وتقول مديرة مشغل “ستيل نوا” إن “الشركة الأم في ايرلندا توظف 75 شخصا بكلفة توازي تقريبا كلفة وحدتنا التي تضم 400 أجير”. وتضيف أن الخطوة المقبلة ستكون نقل وحدة التصميم التي لا يزال مركزها دبلن.