أعلن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عن حزمة من التوصيات التي من شأنها أن تشكل مدخلا لإصلاح شمولي لقطاع الصحة، خصوصا في الشق التمويلي، الذي يظل في حاجة ماسة إلى تعبئة الموارد الكافية مع حسن تدبيرها لمواجهة الاختلالات الكثيرة التي يعاني منها القطاع. خصوصا وأن ميزانية قطاع الصحة، التي تقل عن6 في المائة من ميزانية الدولة، تظل دون المستوى المعياري الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية والمحدد بين 10 و 12 في المائة.
ومن أبرز التوصيات التي تضمنها عرض قدمه يونس ابن عكي، الأمين العام للمجلس خلال لقاء نظمته وزارة الصحة بسلا، توسيع الوعاء الضريبي لصالح القطاع ، مع استعمال نسبة من المداخيل المتأتية عن التخفيضات الضريبية للدولة في تعزيز موارد صندوق مخصص للتضامن الاجتماعي، إضافة إلى تخصيص ما بين نقطتين إلى أربع (2 إلى 4) نقاط من الضريبة على القيمة المضافة، يتم ضخها في هذا الصندوق، والذي سيتم استخدامه للمساهمة في تمويل التغطية الصحية والمساعدة الاجتماعية.
كما أوصى المجلس بتوفير الحماية الاجتماعية الشاملة للفرد، طيلة حياته وبصرف النظر عن وضعيته المهنية، بإدماج التغطية الصحية و العمل التدريجي على توحيد مختلف أنظمة التأمين الصحي الإجباري الأساسي عن المرض، بهدف إحداث نظام وطني أساسي شامل.
و طالب الأمين العام للمجلس بربط الاستثمار الخاص بخريطة صحية حقيقية تشمل القطاع الخاص والقطاع العام وقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، مصحوبة بتدابير تحفيزيّة ، ضريبية، مالية و عقاريّة.. من أجل استثمار القطاع الخاص في مختلف الجهات، بإخراج المراسيم التطبيقيّة والنصوص التنظيمية اللازمة للتطبيق الكامل للقانون الإطار 09-34.
وأوصى المجلس الذي يرأسه أحمد رضا الشامي، بترسيخ وضمان دور القطاع الاجتماعي والتضامُني الذي يشمل التعاضديات، المصحات متعددة التخصصات التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في الاستثمار في مجال العلاجات الصحية وإنتاجها.
ودعا المجلي إلى تطوير القدرات التمويلية للعلاجاتِ الصحية الأساسية، من خلال تخصيص الموارد المالية لنظام المساعدة الطبية (راميد)، في المقام الأول، لهذه العلاجات، وفوترة العلاجات لفائدة جميع المؤمَّنين.
من جهة أخرى، دعا المجلس إلى الحرص على أنْ تمكن المقتضيات والتدابير المتعلقة بفتح الرأسمال في وجه المستثمرين غير الأطباء من توليد الآثار المنتظرة منها أي تحسين جودة العلاجات، وخلق فرص الشغل، وتغطية الفراغ الصحي.
واعتبر الأمين العام للمجلس أن توسيع مجال التغطية الصحية، وإن كان قد حقق بعض التقدّم ، إلا أنه قد أثر على الولوج إلى العلاجات الصحية، موضحا أن عملية توسيع نظام التأمين الإجباري عن المرض لم تصاحبها الترتيبات اللازمة لتحقيق إدماج فعلي للمهنيين والمستقلين . ونبه أمين المجلس إلى ما يعرف ب “باقي كلفة” المستفيدين، والتي تبقى مع ذلك ذات قيمة أقل بسبب الممارسات المتعلقة بالفوتَرة الناقصة في القطاع الخاص،حيث إنه، و إلى حدود اليوم، لم يتم تحديد طرق فوترة الخدمات الصحيّة من طرفِ العيادات .
وانتقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي التدبير المعتمد في تعميم نظام التغطية الصحية (راميد) منذ سنة 2012، والذي أدى إلى استنزاف صناديق العلاجات العمومية، وذلك بسبب ارتفاع عدد المستفيدين، دونَ العمل على التأهيل القبلي للقطاع، مما أدى إلى تدهور جودة العلاجات التي يلاحظها المرضى.
وعزا المجلس الضعف المسجل في جودة العلاجات الصحية إلى الارتفاع المتزايِد على طلب العلاجات، الموجه إلى الوحدات الصحية العمومية، دون أن يكونَ ذلك مصاحبا، بالمقابل، بالزيادة في الموارد، مما عمق إشكالية تمديد آجال الانتظار المتراوحة ما بين 3 أشهر إلى 9 أشهر.