تتواصل في الجزائر حملة مقاطعة السيارات الجديدة المركبة محليا للشهر الثاني على التوالي، للاحتجاج على غلاء سيارات “الصنع المحلي” وتردي جودتها وتواطؤ الحكومة الجزائرية مع “المصنعين المحليين”.
وخلال مؤتمر صحافي أول من أمس اعترف أحمد أويحيى، رئيس الحكومة الجزائرية، باستغلال الوضع من طرف مضاربين. غير أنه أوضح أن الصناعة الناشئة للسيارات في الجزائر لا تزال ضعيفة، مشيرا إلى أن ثلاث علامات فقط تزود حاليا السوق وبإنتاج “محتشم” على حد قوله. وأضاف أن دخول المصانع الستة المتعاقدة مع الدولة حيز النشاط الكامل سيؤدي إلى عودة المنافسة وإلى تزويد السوق بشكل كاف، غير أن ذلك يتطلب انتظار عام ونصف إلى عامين، حيث يرتقب أن يصل حجم الإنتاج المحلي إلى 250 ألف سيارة في السنة. وأوضح أويحيى أن الحكومة أصدرت قائمة بالمنتجات الممنوعة من الاستيراد بهدف تشجيع الصناعة المحلية وضمنها السيارات. وقال إن هذه اللائحة كان مقررا أن تشمل فقط المنتجات المنتهية الصنع، إلا أنها تسربت إليها العديد من مدخلات الإنتاج، والتي تمت إزالتها في النسخة الأخيرة. وقال إن هذه القائمة سيتم تحيينها كل ثلاثة أشهر بهدف إدراج المنتجات التي بلغت مستوى من الإنتاج يمكنها تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وفي غضون ذلك تتواصل الحملة التي كلفت البنوك الإسلامية خسائر كبيرة. فهذا الأخيرة كانت قد كونت حظيرة من السيارات الجديدة، والتي اشترتها كمخزون لتكون متأهبة للاستجابة إلى حاجيات العملاء. غير أن حملة “خليها تصدي” أرخت بظلالها على هذا المخزون، وزاد الطين بلة إقدام الشركات المصنعة على تخفيض الأسعار بعشرات الملايين من السنتيمات بهدف استمالة المشترين وكسر طوق الحملة.
وامتد الكساد أيضا إلى سوق السيارات المستعملة بدوره، نتيجة إحجام المستهلكين عن الشراء في انتظار المزيد من تخفيض الأسعار. ويمسك العديد من المستثمرين في السيارات المستعملة أنفاسهم بسبب اقتناء سيارات بأسعار جد مرتفعة، والتي سيكون عليهم تخفيض أسعارها وبيعها بخسارة.
ولم يفلح الظهور الأخير للرئيس بوتفليقة في العاصمة الجزائرية قبل أسبوع وهو يمتطي سيارة رونو من تركيب محلي إلى جانب السائق، الذي لم يكن سوى أخوه سعيد، في إيقاف الحملة. وكان الموكب الرئاسي يتكون من مجموعة من السيارات البسيطة التي يتم تركيبها في الجزائر بدل السيارات الفارهة المعتادة في مثل هذه المواكب. ويبدو أن الجزائريين غير مستعدين للتراجع عن حملتهم التي انطلقت من نداء على فايسبوك. بالعكس من ذلك بدأت تظهر نداءات جديدة لتوسيع الحملة إلى جميع المواد الاستهلاكية الغالية، وعلى رأسها اللحوم الحمراء وسمك السردين والمنتجات الحليبية والفواكه والخضر. وأصبح ينظر إلى المقاطعة كسلاح، أكد فعاليته، خاصة مع إقدام مصنعي السيارات على تخفيض الأسعار بأرقام تراوحت بين 20 و50 مليون سنتيم حسب تقارير صحافية، واعتراف أعلى مسؤول على هرم الحكومة بوجود مضاربة، وظهور الرئيس بوتفليقة في موكب رسمي بالعاصمة، وهذا الظهور ليس بالأمر السهل أو المعتاد. ورغم اعتقال السلطات للشخص الذي يشتبه في إطلاقه حملة “خليها تصدي” إلا أن ذلك لم يثن الجزائريين عن الدعوة إلى حملات أخرى.
0 2 دقائق