مع المستهلك

بفضل الروابط التاريخية.. الجزائريون أول زبون للباس التقليدي المغربي

ارتفعت صادرات قطاع اللباس التقليدي المغربي بنسبة 114 في المائة بين 2015 و2017، مقابل نمو بنسبة 13 في المائة فقط لإجمالي صادرات قطاع الملابس الجاهزة خلال نفس الفترة. الشيء الذي يكشف عن روافد جديدة لتنمية الصادرات انطلاقا من تثمين كنوز التراث الوطني اللامادي ذات المحتوى الثقافي الغني بالجمال والإبداع، بدل الاستراتيجيات الشائعة التي تركز على البحث عن فرص المناولة الصناعية على أساس “الميزة التنافسية” للأجور المنخفضة.

وبلغت قيمة صادرات قطاع الألبسة التقليدية المغربية، وفي مقدمتها القفطان والجلابية والجابادور بسراويله الفضفاضة، 307.6 مليون درهم في 2017، مقابل 214.4 مليون درهم في 2016، و143.9 مليون درهم في 2015. ورغم أن هذا المبلغ لا يزال ضعيفا، إذ لا يمثل سوى 1 في المائة فقط من إجمالي صادرات قطاع الملابس، إلا أن معدلات نمو هذه الصادرات، والتي بلغت49 في المائة في 2016 و44 في المائة في 2017، واتساع رقعتها الجغرافية التي شملت 55 دولة في 2016 و57 دولة في 2017، تعتبر مؤشرات على إقلاع حقيقي لقطاع الملابس التقليدية المغربية، والذي يتطلب مواكبة حقيقية، سواء على مستويات الاستثمار والتصميم والإنتاج، أو على مستوى دراسة الأسواق وولوجها. ويمكن للقطاع، باعتباره قطاعا حرفيا يعتمد على اليد العاملة الماهرة والمبدعة، أن يشكل رافعة أساسية في مجال التشغيل كما وكيفا.

وتصدرت الجزائر قائمة الدول المستوردة للباس التقليدي المغربي، بحصة 57.5 في المائة خلال السنة الماضية، بعد 42 في المائة في 2016. وارتفعت قيمة صادرات الملابس التقليدية المغربية إلى السوق الجزائرية بنسبة 97 في المائة خلال 2017. ويجد هذا الأداء الاستثنائي تفسيره في الروابط الثقافية والتاريخية والاجتماعية المتينة بين الشعبين الجزائري والمغربي.

وفي المرتبة الثانية جاءت فرنسا بحصة 25 في المائة من قيمة صادرات المغرب من الملابس التقليدية خلال 2014، مسجلة ارتفاع بنسبة 30 في المائة مقارنة بالعام الأسبق. ويرتبط هذا الارتفاع بعاملين، أحدهما يتعلق بحجم الجالية المغربية في فرنسا والدور الذي يلعبه اللباس التقليدي بالنسبة للمغاربة حيثما وجدوا في المناسبات العائلية والاجتماعية والدينية. أما العامل الثاني فيتعلق بحجم الرواج السياحي الفرنسي في المغرب، وارتباط السياحة عموما بالمنتوجات ذات الحمولة الثقافية. بعد ذلك تأتي على التوالي الأسواق الإماراتية والإسبانية والبريطانية والسعودية والألمانية.

وتردع الطفرة التي تعرفها صادرات اللباس التقليدي إلى التقدم الذي عرفه القطاع في السنوات الأخيرة. ويكفي النظر إلى الجلابية النسائية، التي انتقلت في العقود الأخيرة من لباس بسيط بألوان غامقة إلى قطعة موضة جذابة بألوان زاهية دون أن تفقد تفاصيلها وعناصرها الأساسية. وللإشارة فإن الجلابية كانت قبل الاستقلال لباسا ذكوريا، إذ كانت النساء يرتدين عادة الحايك والإزار. إلا أن ظهور الطبقة العاملة النسوية وخروج المرأة للعمل جعلها تستبدل الحايك بالجلابية التي تكيفت لتصبح جلابية نسائية. وتشير الطفرة الحالية إلى تحولات نوعية في طريقة وأساليب إنتاج اللباس التقليدي المغربي، وانتقاله تدريجيا إلى نمط إنتاج صناعي قادر على الاستجابة لمتطلبات التصدير، من حيث الكم والشكل والجودة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
×