لم يفلح مخطط أليوتيس الذي قدمه عزيز أخنوش أمام جلالة الملك سنة 2009 في دمقرطة الولوج إلى المنتوج السمكي، وما زال الوعد الذي قطعه الوزير على نفسه برفع معدل استهلاك المغاربة من السمك إلى 16 كلغ للفرد الواحد سنويا في أفق 2020 بعيد المنال، واليوم بعدما شارف المخطط على نهايته مازال الاستهلاك السنوي الحالي للمغاربة لا يكاد يتعدى رسميا 12 كلغ بل إن المهنيين يتحدثون عن متوسط سنوي يقبع تحت عتبة 10 كيلوغرامات .. ويعزى السبب الرئيسي لهذا الفشل إلى أسعار السمك التي لم تتوقف منذ إطلاق المخطط عن الارتفاع في السوق الداخلي .
ويرى بعض التجار والمهنيين الذين استطلع موقع “businessman.ma” آراءهم أن الأيام الأولى من شهر رمضان الجاري شهدت ارتفاع الأسعار بشكل غير معهود بالمقارنة مع الأعوام السابقة التي لم تكن تخلو من الظاهرة و لكن بشكل أقل حدة .
وبالنسبة للكاتب العام للنقابة الوطنية للصيد بأعالي البحار عبد الرحمن اليزيدي، فإن ارتفاع أسعار المنتوج السمكي بأسواق الاستهلاك هذا العام كان نتيجة حتمية لتضافر مجموعة من العوامل على رأسها تزامن رمضان هذه السنة مع فترة الراحة البيوليوجية المفروضة خلال شهري أبريل وماي على مراكب الصيد العاملة بالمنطقة البحرية الجنوبية، علما بأن هذه المنطقة هي التي تؤمن ثلثي المخزون السمكي للمغرب، مايعني أن أسواق السمك خلال هذا الشهر الذي يرتفع فيه الطلب عادة بشكل صاروخي، محرومة هذا العام من ثلثي الطاقة الإنتاجية للصيد، مما تسبب في اختلال التوازن بشكل كبير بين العرض والطلب..
وبالإضافة إلى هذه العوامل الخارجة عن إرادة السلطات المعنية، ينبه المهنيون إلى سبب آخر جلي تتحمل فيه الحكومة كامل مسؤوليتها ويتعلق الأمر بكثرة المتدخلين و المضاربين والوسطاء في سلسلة التوزيع..
ويذكر أن القوانين المعمول بها في المغرب تحدد بيع المنتوج السمكي نظريا في ثلاث عمليات بيع لا أكثر، حيث يباع السمك للمرة الأولى من طرف البحارة وأرباب البواخر في مزاد علني يشرف عليه المكتب الوطني للصيد، تم يباع المنتوج للمرة الثانية في أسواق الجملة للمقسطين والزبناء الكبار من أمثال أرباب المطاعم والفنادق و الأسواق الكبرى، في حين أن عملية البيع الثالثة والأخيرة تكون من طرف تجار السمك بالتقسيط للمستهلك النهائي، أي أن حلقة التوزيع ينبغي أن تتكون من ثلاثة متدخلين لاغير: البحار، بائع الجملة وبائع التقسيط، إلا أن واقع الحال يختلف كثيرا عن هذه التركيبة، لأن هناك وسطاء و سماسرة يدخلون على الخط وبدل أن يقتصر البيع على ثلاثة متدخلين تصبح الحلقة التجارية مكونة من أربعة وسطاء وأكثر، وهكذا فإن السمك السطحي كالسردين الذي يخرج من ميناء أكادير بـ 2.80 درهما للكيلوغرام يصل إلى الدار البيضاء ليباع بـ 20 درهما و قد يباع بـ 30 درهما في أسواق الرباط والقنيطرة، ومنذ خروج صندوق الميرلان بـ 400 درهم مثلا من ميناء أكادير لا يتوقف سعره عن الارتفاع، حيث يباع 3 مرات قبل أن يصل إلى تاجر التقسيط بـ 800 إلى 1000 درهم في الدار البيضاء، ما يجعل هذا الأخير مضطرا لبيع الكيلوغرام الواحد بـ 90 أو 100 درهم للزبون النهائي وهو ما بات يستدعي من الدولة والفاعلين ضرورة وضع آليات ناجعة لمراقبة سلسلة البيع خصوصا ما بعد سوق الجملة حيث تصبح جميع المعاملات التجارية غير مهيكلة و تجري معظمها بدون فواتير ولا وصولات مما يجعل عملية تتبع المنتوج أمرا مستحيلا.