بقلم: الزبير بوحوت. خبير في القطاع السياحي
كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم 2022- 2023، الصادر في الجريدة الرسمية عن مجموعة من الاختلالات والنقائص التي تم تسجيلها في القطاع السياحي، وتقصير وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني في تطوير السياحة الداخلية وتخلفها عن إنجاز باقي المشاريع المبرمجة ضمن مخطط بلادي، من أجل إنعاش السياحة الداخلية وتقديم عرض سياحي يستجيب لتطلعات السياح المحليين، مشيرا إلى أن العروض التي يقدمها القطاع لا ترقى لتطلعات السياح المحليين.
وأوضح تقرير مجلس زينب العدوي، أنه بالرغم من الانتعاشة التي عرفتها السياحة الداخلية في السنين الأخيرة، فإنها ما زالت تواجه مجموعة من التحديات المرتبطة أساسا بتنويع العرض السياحي الوطني وملائمته لتطلعات السياح الداخلين، والرفع من تنافسية المنتوج السياحي وملائمة الأسعار مقارنة بالخدمات المقدمة.
وأكد التقرير، أن مخطط بلادي، الذي يندرج ضمن رؤية 2020، والهادف الى إنشاء ثماني(8) محطات سياحية بسعة إجمالية تبلغ39.788 سريرا، لم ينجز مع متم 2022، سوى ثلاث محطات فقط، وهي محطات إفران (5.772 سريرا)، وإيمي وادار-أكادير (6.844 سرير) والمهدية (4.360 سريرا) بسعة إجمالية تبلغ 16.976سريرا، أي ما يشكل 39 في المائة فقط من الأهداف المسطرة.
وحسب وزارة السياحة، فإن مخطط بلادي لا يندرج ضمن مشاريع وميزانية الاستثمار المباشر للشركة المغربية للهندسة السياحية، التي واكبت هذا المخطط عبر إنجاز الدراسات الهندسية للمشاريع والبحث عن العقار المناسب وعن المستثمرين الخواص، مشيرة خلال جوابها على أسئلة قضاة المجلس الاعلى للحسابات الى أن الإستمرار في تنزيل هذا المخطط لم يعد ضمن التوجهات الإستراتيجية للوزارة.
من جانبها، أفادت رئاسة الحكومة في جوابها أن خارطة الطريق تتماشى مع التوصيات الرئيسية للمهمة الموضوعاتية للمجلس الأعلى للحسابات بشأن قطاع السياحة الداخلية، سواء من حيث الأهمية التي يجب أن تعطى لتعزيز الحكامة الترابية أو أهمية توفير تصور جديد للعرض السياحي يأخذ في الاعتبار، بشكل أكبر، احتياجات وتطلعات السياح الداخليين.
وفي هذا الصدد، أوضحت رئاسة الحكومة أنه بالنظر إلى تعدد المتدخلين في القطاع الذي يتطلب التنسيق على المستوى المحلي، فإن خارطة الطريق تنص على إنشاء آليات جهوية لقيادة التنسيق وتتبع المخططات الجهوية.
وسجل المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي، تأخرا ملحوظا في إنجاز مشاريع السياحة القروية والسياحة البيئية المسطرة في برامج العقود الجهوية، كما لاحظ تعثرا في تطوير الاقامات العقارية الموجهة للإنعاش السياحي، بالرغم من الحوافز المادية التي تتعلق بالإقامات العقارية للإنعاش السياحي، حيث إن الإنجازات خلال الفترة، 2011-2020، لم تمكن من تحقيق هدف 40 ألف سرير المخطط له في أفق 2020، حيث ارتفع عدد هاته الاقامات من إقامة واحدة إلى 11 إقامة فقط، بسعة استيعابية انتقلت من ألف إلى 3 آلاف سرير، أي ما يقل عن 9 في المائة من الهدف المنشود.
ومن أجل الارتقاء بالسياحة الداخلية وجعلها ركيزة أساسية للقطاع السياحي ورافعة للاقتصاد الوطني ولنمو مستدام، أوصى المجلس الأعلى للحسابات وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بإحداث مديرية مركزية مخصصة للسياحة الداخلية، مكلفة بالقيادة الاستراتيجية والتنسيق بين المؤسسات المعنية بتنفيذ استراتيجية الوزارة في مجال تطوير السياحة الداخلية، وإعادة النظر في الحكامة الترابية لمشاريع تنمية السياحة الداخلية من خلال تعزيز دور الأجهزة العمومية اللاممركزة في تتبع إنجاز مشاريع التهيئة والإنعاش السياحي وكذا التنسيق بين الأطراف المعنية على المستوى الترابي.
كما أوصى بتوفير عروض سياحية ملائمة لتطلعات السياح الداخليين، متنوعة وموزعة على جميع الوجهات السياحية الوطنية، من خلال تنشيط مشاريع ” بلادي” ومشاريع تطوير السياحة القروية والسياحة المستدامة، وتعزيز النقل الجوي الداخلي عبر توفير خطوط جوية إلى مختلف الوجهات السياحية الوطنية بأسعار مناسبة للقدرة الشرائية للسياح الداخليين.
وأكد التقرير على ضرورة وضع استراتيجية تواصلية تجعل من السياحة الداخلية قطاعا ذا أولوية، مع تحديد أهداف على المدى القصير والمتوسط والبعيد وتجاوز الطابع الموسمي للانشطة الترويجية المخصصة للقطاع، والعمل على تسريع تنزيل شيكات السياحة كإحدى التدابير الرئيسية لدعم السياحة الداخلية، والإشراك الفعلي لوكالات الأسفار في تطوير السياحة الداخلية، من خلال إعادة هيكلة خدماتها المخصصة للسياح المحليين، ودعم إحداث مهنة منظم رحلات وطني.
ودعا التقرير إلى إيلاء أهمية خاصة لتسوية وضعية مؤسسات الإيواء السياحي غير المصنفة وتبني تدابير مواكبة للمؤسسات المعنية من أجل تحديثها وتنظيمها، وعند الاقتضاء، تطبيق الإجراءات الزجرية المنصوص عليها في القانون رقم 61.00، وتسريع تنزيل الإطار التنظيمي للإيواء عند الساكن لاسيما اعتماد دفتر التحملات لاستغلال الإيواء عند الساكن.