
أظهر أحدث إصدار من “مؤشر التطور الرقمي 2025” الصادر عن جامعة تافتس الأميركية، تموضعاً متوسطاً للمغرب في مسار التحول الرقمي، حيث احتل المرتبة 81 من أصل 125 اقتصاداً، محققاً 61.52 نقطة في مؤشر زخم التحول الرقمي، في وقت أبان فيه المؤشر عن تباطؤ عالمي في وتيرة الرقمنة بعد جائحة كوفيد-19.
ويعكس هذا الترتيب تحقيق المملكة لبعض التقدم في رقمنة اقتصادها، إلا أنه لا يواكب زخم المنافسة الدولية، خاصة مع دول نامية مشابهة مثل فيتنام والهند، التي قفزت مراتب متقدمة بفضل استراتيجيات رقمية واضحة واستثمارات ضخمة في البنية التحتية.
وفي مؤشر نضج الاقتصاد الرقمي، الذي يقيس تطور البنية الرقمية ومدى الاندماج التكنولوجي، جاء المغرب في المرتبة 87 عالمياً، مسجلاً 40.64 نقطة فقط، ما يضعه ضمن النصف السفلي من التصنيف العالمي. التقرير أشار إلى أن الأداء الرقمي المغربي لا يزال متأثراً بعدة اختلالات هيكلية، من أبرزها ضعف البنية التحتية الرقمية، وتفاوت الولوج إلى الإنترنت، ومحدودية استخدام التكنولوجيا داخل المؤسسات، بالإضافة إلى تراجع ثقة المواطنين في البيئة الرقمية، ونقص الكفاءات الرقمية.
ووفقاً للتقرير، فإن جائحة كوفيد-19 لم تكن كما كان متوقعاً نقطة تحول حاسمة في تسريع الرقمنة. فقد تراجع معدل النمو السنوي للتحول الرقمي من 4.3% قبل الجائحة إلى 2.4% بعدها، وهو ما انعكس أيضاً على تجربة المغرب، الذي لم يتمكن من استغلال فترة الإغلاق الصحي في إحداث قفزة نوعية في الرقمنة، باستثناء بعض المبادرات المحدودة في قطاعات مثل التعليم عن بُعد والخدمات البنكية الإلكترونية.
وفي المقابل، سجلت دول كالصين والهند وفيتنام أداءً متقدماً، مدفوعة بسياسات حكومية تحفيزية، واستثمارات كبرى في البنية الرقمية، وتبنٍ واسع للخدمات الرقمية من طرف المواطنين. هذه التجارب تثبت – حسب معدي المؤشر – أن التحول الرقمي لا يمكن أن يكون وليد الصدفة، بل نتيجة إرادة سياسية واضحة، واستراتيجية وطنية شاملة.
ويواجه المغرب اليوم تحديات مزدوجة: أولها الحفاظ على المكتسبات الرقمية الحالية، وثانيها التسريع نحو نضج رقمي حقيقي، ينسجم مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويضمن جاهزية البلاد للتحولات المستقبلية.
في ضوء هذه المعطيات، يؤكد التقرير على ضرورة وضع سياسات رقمية طموحة، تقوم على تطوير البنية التحتية، وتوسيع رقعة الاستفادة من التكنولوجيا، وتعزيز الثقة الرقمية، إلى جانب الاستثمار في رأس المال البشري الرقمي، لضمان انتقال فعلي نحو اقتصاد رقمي شامل ومستدام.