دعا محمد توفيق ملين، مدير المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، إلى ضرورة التمهل والتدرج في مقاربة انضمام المغرب إلى مجموعة دول غرب إفريقيا الاقتصادية (إيكواس)، مشيرا على الخصوص إلى التحديات التي تمثلها الإشكاليات الأمنية لبعض دول المنطقة وقضايا الهجرة ورهان العملة الموحدة التي حددت لها قمة رؤساء دول المجموعة سنة 2020 كأجل لفرضها، وذلك رغم أن ملين وصف هذا الهدف بأنه غير “واقعي”.
وقال ملين، الذي كان يتحدث خلال مائدة مستديرة نظمت اليوم في طنجة بمشتركة وزراء ورؤساء حكومات أفارقة حاليين وسابقين ورئيس برلمان مجموعة غرب إفريقيا ورئيس سابق للاتحاد الإفريقي، إن الأمر لا يتعلق بإعادة النظر في مسلسل انضمام المغرب للمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، ما دام المغرب قد وضع طلبا بذلك وحصل على موافقة مبدئية من قمة رؤساء دول المجموعة، وإنما بالتحلي التبصر وبعد النظر وتفادي الاندفاع في إعداد هذا الملف.
وأوضح ملين أن حضور المغرب القوي واندماجه في اقتصاد المنطقة تحصيل حاصل، إذ تضاعفت الاستثمارات المغربية في غرب إفريقيا، مشيرا إلى أن زهاء ألف شركة مغربية أصبح لها حضور في هذه الدول.
وأضاف ملين أن انضمام المغرب لمجموعة إيكواس سيحتم عليه أيضا تغيير الطريقة التي يقود بها سياساته العمومية، فمخططاتها التي كانت توضع على الصعيد الوطني أصبحت اليوم ملزمة بأن تندرج في سياقات إقليمية ودولية، سواء فيما يتعلق بالطاقة أم بالتجارة الدولية أم بالنموذج التنموي. كما أشار إلى أن المغرب سيكون عليه في هذا السياق أن يلائم اتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمها مع متطلبات السياسة الجمركية لمجموعة غرب إفريقيا.
من جانبه قال طوماس بوني يايي، رئيس جمهورية بنين سابقا والرئيس السابق للاتحاد الإفريقي، والذي شارك في المائدة المستديرة المنظمة في إطار فعاليات الدورة 11 لمنتدى ميدايز في طنجة، إن طلب المغرب قد حصل على الموافقة المبدئية لقمة رؤساء دول مجموعة غرب إفريقيا، والذين كلفوا لجنة مكونة من خمس رؤساء دول لإعداد تقرير حول آثار انضمام المغرب للمجموعة، مشيرا إلى أن ذلك يؤشر على أن رؤساء دول المنطقة لم يستهينوا بالطلب المغربي. وأشار إلى أن العائق الأساسي الذي يواجهه الطلب المغربي حاليا يتمثل في الحدود الجغرافية لمجموعة دول غرب إفريقيا، إذ أن انضمام المغرب يتطلب تعديل اتفاقية المجموعة لتمكينها من التوسع جغرافيا لتشمل المغرب. وقال “لدينا أيضا طلب انضمام من موريتانيا، وطلب الالتحاق كعضو ملاحظ من طرف تونس. وهذا التعديل في ميثاق المجموعة سيمكننا من التعامل مع هذه الطلبات”. وأشار بوني إلى أن تعديل ميثاق المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا يندرج في سياق إصلاح شامل لمؤسساتها، باتجاه منح المزيد من السلط لهيئتها التنفيذية وأيضا لبرلمانها، ويمكن للمغرب أن يساهم في هذه الإصلاحات”.
من جهته دافع مصطفى سيسي لو، رئيس برلمان إيكواس، عن انضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية، مشيرا إلى أن الهدف هو بناء قطب اقتصادي إقليمي وازن في إفريقا والعالم، وأن انضمام المغرب سيجلب قيمة مضافة أكيدة لهذا المشروع. وأشار سيسي لو إلى أن منطقة إيكواس عرفت توسعا اقتصاديا مهما، إذ مر ناتجها الداخلي الخام من 550 مليار دولار في 2011 إلى 700 مليار دولار في 2017، مشيرا إلى أن انضمام المغرب سيرفع هذا الرقم إلى 800 مليار دولار، ويجعل المنطقة في الرتبة 15 ضمن أقوى الاقتصادات العالمية.
وأشار إبراهيم الفاسي الفهري، رئيس منتدى ميدايز ومعهد أماديوس، إلى أن الاعتراضات التي يصادفها انضمام المغرب لمجموعة إيكواس ناتجة أساسا عن اعتبارات وتخوفات اقتصادية، وأن طلب الانضمام لا يواجه أية معارضة على المستوى السياسي. وأشار الفاسي الفهري إلى أن معهد أماديوس قام خلال السنة الحالية بجولة في العديد من دول المنطقة حيث نظم ندوات لبسط تصورات المغرب والمبادئ التي تقوم عليها دبلوماسيته الاقتصادية، وعلى رأسها المساهمة في تنمية القارة الإفريقية وتحريرها وانبعاثها، والاستماع إلى جميع الآراء المعبر عنها بخصوص انضمام المغرب للمجموعة. وأشار إلى أن الحضور التجاري والاستثماري القوي للمغرب في هذه البلدان، إضافة إلى فتح حدوده بدون تأشيرة لسكان بعض هذه الدول، يجعله في مرحلة جد متقدمة من حيث اندماجه الاقتصادي في المنطقة.
وعرفت المائدة المستديرة، التي جرت في ثلاثة أطوار، مشاركة أزيد من 20 مسؤول وخبير إفريقي، والذين أبرزوا مزايا انضمام المغرب لمجموعة إيكواس، مشددين على أن هذا الانضمام سيخدم مصالح وأهداف الطرفين.