تجاوزت المداخيل الضريبية التي تم تحصيلها خلال العام الماضي 2018، عتبة 216 مليار درهم، وقد ساهمت هذه الجبايات في الرفع من موارد الخزينة بنسبة 5.1 في المائة ، وذلك في ظل ضعف تدفقات الدعم الخليجي الذي كانت تستفيد منه الميزانية العامة في خانة “الحساب الخاص بهبات دول مجلس التعاون الخليجي” ، الذي لم يتلق سنة 2018 سوى 2.8 مليار درهم عوض 7 ملايير درهم التي كانت الحكومة تعول عليها عند تحضيرها لقانون المالية 2018، وهو ما جعل وزير المالية السابق محمد بوسعيد، يعمد في خطوة غير مسبوقة، إلى تحويل 24 مليار درهم من هذا الحساب الخاص نحو خانة المداخيل العادية للخزينة التي قفزت بنحو 15.5 في المائة لتستقر عند حدود 267 مليار درهم .
وتحاول الحكومة، من خلال جبايتها لأكبر قدر ممكن من الضرائب، ملء الخزينة بما يكفي من المداخيل لمواجهة عوامل عجز الميزانية الذي تفاقم العام المنصرم بملياري درهم مقارنة مع مستواه في دجنبر 2017 ، حيث تجاوز 37.7 مليار درهم، وهو ما تؤكده معدلات الارتفاع التي قفزت إليها باقي أنواع الضرائب، حيث ارتفعت مداخيل الخزينة العامة من الرسوم الجمركية (+ 12.9٪) ، وضريبة القيمة المضافة على الواردات (+ 6.4٪) والرسم الداخلي على الاستهلاك (TIC) المفروض على منتجات الطاقة (+ 0.2٪) ؛ والرسم الداخلي على استهلاك التبغ المصنع (+ 9.1٪) والأنواع الأخرى من رسوم الاستهلاك (+ 1.4٪).
كما شددت مديرية الضرائب قبضتها على الضرائب المحلية التي سجلت في نهاية 2018، زيادة 3.3٪ ومن ضمنها ضريبة القيمة المضافة (+ 4.8٪) ورفعت الدولة من حصتها من الرسم المهني ب (+ 14.3٪) والضريبة على الدخل ب(+ 4.4٪) والرسم على السكن (+ 30.3٪) و غرامات التأخير (+ 30.1٪)..
و يعتبر خبراء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن من أبرز مواطن الهشاشة في الاقتصاد المغربي، الاتكال على الموارد الضريبية التي تعتبر بمثابة مغارة علي بابا، تلجأ إليها الدولة لحل مشاكلها الموازناتية و هو أسلوب يرى المحللون الاقتصاديون أنه يفسد قواعد اللعبة ويسئ إلى الشفافية فتارة تنزل الدولة ضريبيا على القطاع البنكي وتارة أخرى تنزل على قطاع التأمين..وهكذا يتم استعمال النظام الضريبي كهراوة أو كمنجم يتم اللجوء إليه بحسب الحاجة الظرفية .
من جهة أخرى، يرى المراقبون أن الطبقات المحدودة الدخل هي الأكثر تضررا من هذا التهافت الضريبي، بالنظر إلى ارتفاع الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل اللتين لا مجال للفرار منهما من قبل المواطنين، بينما التملص الضريبي ما زال يضرب أطنابه في العديد من الميادين ، والتي تعلم المديرية العامة للضرائب مكامنه أكثر من غيرها، ولا تنقصها إلا أجرأة الآليات الزجرية لمحاربة الظاهرة، ودون ذلك يبقى الحديث عن عدالة ضريبية أمرا مؤجلا.